8803 الكل و8743. الصحيح و160. الضعيف احصاء الذهبي وابن الجوزي لاحاديث المستدرك للحاكم

تعريف المستدركات وبيان كم حال أحاديث  مستدرك الحاكم النيسابوري إذ كل الضعيف160.حديثا وقد احصاها الذهبي فقال 100 حديث وذكر ابن الجوزي في الضعفاء له 60 حديثا أُخر فيكون  كل الضعيف في كل المستدرك 160 حديثا من مجموع 8803=الباقي الصحيح =8743.فهذه قيمة رائعة لمستدرك الحاكم

الحاكم النيسابوري جبل الحفظ ومصطلح الحديث

الاثنين، 22 أغسطس 2022

تذكرة الأبرار بالجنة و النار د/ أحمد فريد

 

تذكرة الأبرار بالجنة و النار د/ أحمد فريد

 

نبذة عن الكتاب : يعيش القارىء الكريم مع هذه الرسالة فى ذكر الجنة و النار و ما ورد فيهما من صريح الأخبار و صحيح الآثار حيث لخص المؤلف فيها حياة الأشقياء نعوذ بالله من حالهم و مهادهم طعامهم و شرابهم -  ثم أردف ذلك بذكر حياة السعداء – نسأل الله من فضله العظيم و كرمه العميم

الناشر الدار السلفية للنشر و التوزيع الإسكندرية ت: 0123490589

مكتبة مشكاة الإسلامية

قال تعالى: }  فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُور {(أل عمران: 185)

 

و قال النبيr: " للجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك "[1]

 

 

 

*****

 

 

 

و قال النبيr: " ما رأيت مثل النار نام هاربها ولا مثل الجنة نام طالبها"[2]

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مقدمة

 

 

 

نسأل الله حسن الخاتمة

 

 

 

 

 

الحمد لله الذى أسكن عباده هذه الدار, و جعلها لهم منزلة سفر من الأسفار, و جعل الدار الآخرة هى دار القرار, فسبحان من يخلق ما يشاء و يختار, و يرفق بعباده الأبرار فى جميع الأقطار, و سبقت رحمته بعباده غضبه و هو الرحيم الغفار, أحمده على نعمه الغزار, و شكره و فضله على من شكر مدرار, و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد القهار و أن محمدا عبده و رسوله النبي المختار, و الرسول المبعوث بالتيسير و الإنذار صلى الله عليه و على اله و صحبه صلاة تتجدد بركاتها بالعشى و الإبكار.

 

 

 

أما بعد:

 

 

 

فمن تأمل أحوال السابقين من أمة سيد المرسلين و جدهم فى غاية الطاعة لله عز و جل, و الكف عن معصيته, و هم مع ذلك فى غاية الخوف و الإشفاق و الحذر من الله عز و جل و عظيم عقابه و أليم عذابه.

 

 

 

كان ثابت البنانى يستوحش لفقد التعبد بعد موته فيقول: يا رب إن أذنت لأحد أن يصلى فى قبره فأذن لى.

 

 

 

ملأوا الحياة عبادة و طاعة لله عز و جل و رغبة فى طاعته و طمعا فى رضاه, و كثر مع ذلك خوفهم و بكاؤهم حتى أشفقوا من فقد البكاء و الخشية بعد الموت و تمنوا لو وجدوا من يبكى عنهم بعد وفاتهم.

 

 

 

كان يزيد الرقاشى يقول فى بكائه: يا يزيد من يبكى بعدك لك, و من يترضى ربك عنك.

 

 

 

و دخلوا على الجنيد عند الموت و هو يصلى فقالوا له: الآن فقال: الآن تطوى صحيفتى.

 

 

 

قيل لأبى بكر النهشلى و هو  فى الموت: اشرب قليلا من الماء, قال: حتى تغرب الشمس.

 

 

 

قرىء على أحمد بن حنبل فى مرضه أن طاووسا كان يكره الأنين فما أن حتى مات.

 

 

 

يا ديار الأحباب أين السكان, يا منازل العارفين أين القطان, يا أطلال الوجد أين أين البنيان.

 

 

 

لا تعرضن بذكرنا فى ذكرهم

 

ليس السليم إذا مشى كالمقعد

 

 

 

حسبك أن قوما موتى تحيى بذكرهم النفوس, و إن قوما أحياء تقسو برؤيتهم القلوب, سلام على تلك القبور, و رضوان الله على حشو تلك اللحود.

 

 

 

أماكن تعبدهم باكية, و مواطن خلواتهم لفقدهم شاكية, زال التعب و بقى الأجر, ذهب ليل النصب و طلع الفجر

 

إن كنت تنوح يا حمام البان

 

للبين فأين شاهد الأحزان

 

أجفانك للدموع أو أجفانى

 

لا يقبل مدع بلا برهان

 

 

 

و من تأمل أحوالنا من قسوة القلوب و قلة تقواها, و غلبة التكاسل عن الطاعات و الزهد فى القربات و قلة التورع عن المحرمات, و تفكر بعقله و قلبه أليس الإسلام هو الإسلام؟ و القرآن هو القرآن؟ فما بال أحوالنا لا توافق أحوال السلف الكرام, و إنما ينطبق علينا قول القائل:

 

يا من إذا تشبه بالصالحين فهو عنهم متباعد, و إذا تشبه بالمذنبين فحاله و حالهم واحد, يا من يسمع ما يلين الجوامد و طرفه جامد و قلبه أقصى من الجلامد, إلى متى تدفع التقوى عن قلبك و هل ينفع الطرق فى حديد بارد.

 

 

 

فما هى الأفة فينا حتى فارقت أحوالنا أحوالهم, و باينت أعمالنا أعمالهم؟ هل الآفة هى عدم الإيمان!! كلا و الله نحن مؤمنون بالله عز و جل و اليوم الأخر.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فما هى الأفة؟

 

 

 

الآفة هي ضعف الإيمان بالله عز و جل و اليوم الأخر, و الإيمان إذا ضعف لا يدفع العباد إلى الطاعات و لا يحجزهم عن المعاصي, قال النبيr: " لا يزنى الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن,  ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ".[3]

 

 

 

و المعاصي لا تنافى أصل الإيمان كما قال النبي r للصحابي الذي لعن من كان يشرب الخمر: " لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله ".[4]

 

 

 

و علاج الإيمان يكون بالأخذ بأسباب تقويته, فإذا قوى إيمان العبد فإنه يسهل عليه عند ذلك أن يستجيب لله عز و جل و للرسول صلى الله عليه و سلم.

 

 

 

كان الصحابة رضى الله عنهم يتعلمون الإيمان قبل القرآن, روى الحاكم بسند صحيح على شرط الشيخين عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: عشنا برهة من الدهر و كان أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن.

 

 

 

و طريقة القرآن في تقوية الإيمان هي تكرير معاني الإيمان على القلوب و الأسماع, و انظر كيف كرر الله عز و جل و قرر لنا أمور الآخرة حتى ترتسم في القلوب و حتى لا تغيب عن العبد لحظة واحدة, فلا يقول قولا و لا يعمل عملا إلا و هو يستحضر الإيمان بالآخرة , فتارة يخبر الله عز و جل بها إخبارا مؤكدا كما قال تعالى: }إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا) { طه: 15)

 

 

 

و تارة يقسم الله عز و جل بوقوعها كما قال تعالى: } وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً * فَالْحَامِلَاتِ وِقْراً * فَالْجَارِيَاتِ يُسْراً * فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً * إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ { ( الذاريات: 1-6)

 

 

 

و تارة يأمر نبيه بالإقسام على وقوعها كما قال تعالى:  }وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ  {(سبأ: 3)

 

 

 

و تارة يذم الله عز و جل المكذبين بها كما قال تعالى: } قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ {يونس:45

 

 

 

و تارة يمدح المؤمنين بها كما قال تعالى:} لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ { (البقرة:177)

 

 

 

و تارة يخبر الله عز و جل بقرب يوم القيامة كما قال تعالى: } إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَرَاهُ قَرِيبا ً{ (المعارج:6-7)

 

 

 

فلا تكاد تقلب ورقة من المصحف حتى ترى خبر الآخرة, و لو ذكر الله ذلك فى موضع واحد لكان كافيا فى وجوب الإيمان بها, و لكن القرآن يكرر ذلك على القلوب حتى يقوى الإيمان بها فكيف العبد قلبه و جوارحه عن المعاصي و يحسبها على الطاعات لأن الإيمان بالآخرة استقر فى قلبه, و كان القرآن المكي كذلك تذكرة بالآخرة, و تقويه للإيمان بها ثم نزلت بعد ذلك الفرائض و الأحكام.

 

 

 

عن عائشة رضى الله عنها قالت: أول ما نزلت من القرآن سورة فيها ذكر الجنة و النار- تعنى رضى الله عنها- سورة المدثر و هي ثاني سورة و فيها يقول جل و علا: } فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ{ (المدثر:8). و قوله جل و علا: } وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَة ً{ (المدثر:31) و قوله جلا و علا: } كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ{ ( المدثر:38-41) حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال و الحرام, و لو نزل من أول الأمر "لا تزنوا" لقالوا لا ندع الزنا أبدا, و لو نزل " لا تشربوا الخمر" لقالوا لا مدع الخمر أبدا.

 

 

 

أنزل على النبي r و أنا جارية ألعب: } بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ{ (القمر:46) و ما نزلت البقرة و النساء إلا و أنا عنده في المدينة.

 

 

 

و مما ربى الله عز و جل به الإيمان كذلك فى قلوب الصحابة فرض قيام الليل فى ابتداء الدعوة.

 

 

 

روى مسلم عن عائشة رضى الله عنها قالت: فرض الله عز و جل على نبيه r قيام الليل فقام النبي r و قام الصحابة معه حولا كاملا, و احتجز الله عز و جل خاتمة السورة اثنا عشر شهرا ثم نزل بعد ذلك التخفيف.

 

 

 

و إنما قصدت رضى الله عنها الأمر بقيام الليل في قوله تعالى: } يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً{ (المزمل:1-6)

 

 

 

و قصدت بالتخفيف الآية الأخيرة من السورة و هي قوله تعالى: } إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآن{ِ (المزمل:20)

 

 

 

فعلاج ضعف الإيمان إذن إنما يكون بالتذكير بالآخرة و تلاوة القرآن الذي يتضمن أعظم التذكير و أطيبه و تربية الإيمان كذلك بالطاعات بالقيام و الصيام و سائر القربات, و إنما قصدت بهذه الرسالة اللطيفة أن تكون تذكرة سريعة لمن لا يتسع وقته للمصنفات الكبار و مطالعة ما صنفه العلماء الأخيار في سائر الأعصار, فقد ضعفت الهمم و تقاصرت الأعمار , و تشاغل الناس بدنياهم عن دار القرار, و القلوب لا تصلح إلا بالوعظ و التذكير و التبشير و التحذير, عن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله r:  "والذي نفسي بيده لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا. قالوا : وما رأيت يا رسول الله؟ قال: رأيت الجنة والنار".[5]

 

 

 

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: و القدر الواجب من الخوف ما حمل على أداء الفرائض و اجتناب المحارم, فإن زاد على ذلك بحيث صار باعثا للنفوس على التشمير فى نوافل الطاعات و الانكفاف من دقائق المكروهات و التبسيط فى فضول المباحات كان ذلك فضلا محمودا, فإن تزايد على ذلك بأن أورث مرضا أو موتا, أو هما لازما بحيث يقطع عن السعى فى اكتساب الفضائل المطلوبة المحبوبة لله عز و جل لم يكن محمودا. التخويف من النار (18) مكتبة الإيمان.

 

 

 

و قد أنذر الله عز و جل بالنار و أمر المؤمنين بأخذ الوقاية من التعرض لها و بين خطرها فقال تعالى: } كَلَّا وَالْقَمَرِ * وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ * وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ * إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ * نَذِيراً لِّلْبَشَرِ * لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّر{َ (المدثر:32-37)

 

 

 

قال الحسن: و الله ما أنذر العباد بشىء أدهى منها.

 

 

 

و قال تعالى: } فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى{  (الليل:14)

 

 

 

و عن عدى بن حاتم قال: قال رسول الله r: " اتقوا النار. قال: وأشاح, ثم قال: اتقوا النار. ثم أعرض وأشاح ثلاثا حتى ظننا أنه ينظر إليها. ثم قال: اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة".[6]

 

 

 

و قال أبو الجوزاء: لو وليت من أمر الناس شيئا لاتخذت منارا على الطريق و أقمت عليه رجالا ينادون فى الناس النار النار.

 

 

 

و عن مالك بن دينار قال: لو وجدت أعوانا لناديت فى منار البصرة باليل, النار النار ثم قال: لو وجدت أعوانا لناديت لفرقتهم فى منار الدنيا يا أيها الناس النار النار.

 

 

 

و قال ابن عيينة: قال إبراهيم التيمى: مثلت نفسي في الجنة, أكل من ثمارها و أعانق أبكارها, ثم مثلت نفسي في النار, أكل من زقومها و أشرب من صديدها و أعالج سلاسلها و أغلالها, فقلت لنفسي: أي شيء تريدين؟ قالت أريد أن أعد إلى الدنيا فأعمل صالحا, قال: فأنت في الأمنية فأعملي, و نحن و الله في الأمنية فكل من قصر في طاعة الله عز و جل في الدنيا يطلب العودة إليها كلما عاين أمور الآخرة و ترك دار العمل و لا حساب إلى دار الحساب و لا عمل, قال تعالى: } حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْت{ُ (المؤمنون: 99-100)

 

و قال تعالى: } وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ{ (الأنعام:27)

 

 

 

و قال تعالى: } وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ{  (السجدة:12)

 

 

 

و قال تعالى: } وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِير{ُ (فاطر:37)

 

 

 

و قال تعالى: } قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيل{  (غافر:11)

 

 

 

و أترك القارىء الكريم مع هذه الرسالة يعيش فى ذكر الجنة و النار و ما ورد فيهما من صريح الأخبار و صحيح الآثار حيث لخصت فيها حياة الأشقياء نعوذ بالله من حالهم و مهادهم طعامهم و شرابهم -  ثم أردفت ذلك بذكر حياة السعداء – نسأل الله من فضله العظيم و كرمه العميم.

 

 

 

و الإيمان بالآخرة يتضمن الإيمان بكل ما ورد فى كتاب الله فى شأنها و كل ما صحت به سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم  و أسأل الله أن يتقبل منا صالح الأعمال و أن يتجاوز عن سيئاتنا إنه على ما يشاء قدير و بالإجابة قدير و هو حسبنا و نعم الوكيل.

 

 

 

 

 

 

 

النار

 

صفة جهنم و أهوالها و أنكالها:

 

 

 

قال الغزالى رحمه الله:

 

 

 

يا أيها الغافل عن نفسه, المغرور بما هو فيه من شواغل هذه الدنيا المشرفة على الانقضاء, و الزوال, دع التفكير فيما أنت مرتحل عنه, و اصرف الفكر إلى موردك, فإنك أخبرت بان النار مورد للجميع, إذ قيل: } وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً{  (مريم: 71-72)

 

 

 

فأنت من الورود على يقين و من النجاة في شك, فاستشعر في قلبك هول ذلك المورد فعساك تستعد للنجاة منه, و تأمل في حال الخلائق و قد قاسوا من دواهي القيامة ما قاسوا, فبينما هم في كربها و أهوالها وقوفا ينتظرون حقيقة أنبائها و تشفيع شفائعها, إذ أحاطت بالمجرمين ظلمات ذات شعب و أطلت عليهم نار ذات لهب, و سمعوا لها زفيرا و جرجة تفصح عن شدة الغيظ و الغضب, فعند ذلك أيقن المجرمون بالعطب و جثت الأمم على الركب, حتى أشفق البراء من سوء المنقلب, و خرج المنادى من الزبانية قائلا: أين فلان بن فلان المسوف نفسه في الدنيا بطول الأمل, المضيع عمره في سوء العمل, فيبادرونه بمقامع من حديد, و يستقبلونه بعظائم التهديد, و يسوقونه إلى العذاب الشديد, و ينكسونه في قعر الجحيم, و يقولون له: } ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيم{ُ (الدخان:49). فاسكنوا دارا ضيقة الأرجاء, مظلمة المسالك, مبهمة المهالك, يخلد فيها الأسير, و يوقد فيها السعير, شرابهم فيها الحميم, و مستقرهم الجحيم, الزبانية تقمعهم, و الهاوية تجمعهم, أمانيهم فيها الهلاك, و ما لهم منها فكاك, قد شدت أقدامهم إلى النواصي, و اسودت وجوههم من ظلمة المعاصي, ينادون من أكنافها و يصيحون في نواحيها و أطرافها: يا مالك قد حق علينا الوعيد, يا مالك قد نضجت منا الجلود, يا مالك أخرجنا منها فإنا لا نعود.

 

 

 

فتقول الزبانية: هيهات لات حين أمان, و لا خروج لكم من دار الهوان, فاخسأوا فيها و لا تكلمون, و لو أخرجتم منها لكنتم إلى ما نهيتم عنه تعودون, فعند ذلك يقطنون و على ما فرطوا في جنب الله يتأسفون, و لا ينجيهم الندم, و لا يغنيهم الأسف, بل يكبون على وجوههم مغلولين, النار من فوقهم, و النار من تحتهم, و النار عن أيمانهم, و النار عن شمائلهم فهم غرقى في النار, طعامهم نار, و شرابهم نار, و لباسهم نار, و مهادهم نار, فهم بين مقطعات النيران و سرابيل القطران و ضرب المقاطع و ثقل السلاسل, فهم يتجلجلون في مضايقها, و يتحطمون في دركاتها, و يضربون بين غواشيها, تغلى بهم النار كغلى القدور, و يهتفون بالويل و العويل, و مهما دعوا بالثبور صب من فوق رؤوسهم الحميم, و يصهر به ما في بطونهم و الجلود و لهم مقامع من حديد, تهشم بها جباههم فينفجر الصديد من أفواههم, و تنقطع من العطش أكبادهم, و تسيل على الخدود احداقهم, و يسقط من الوجنات لحومها و هم مع ذلك يتمنون الموت فلا يموتون.[7]

 

 

 

عمق جهنم و شدة حرها:

 

 

 

عن عتيبة بن غزوان عن النبي r قال: " إن الصخرة العظيمة لتلقى من شفير جهنم فتهوي فيها سبعين عاما ما تفضي إلى قرارها".[8]

 

 

 

و عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: " كنا عند رسول الله r: أتدرون ما هذا؟ قلنا الله و رسوله أعلم. قال: هذا حجر أرسله الله في جهنم منذ سبعين خريفا فالآن حين انتهى إلى قعرها".[9] و الوجبة هي صوت سقوط الشيء من مكان عال.

 

 

 

 

 

و لجهنم  سبعة أبواب, قال الله عز و جل:} َوإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ*  لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ{ (الحجر:43- 44). و قيل: المراد بالأبواب الأطباق طبق فوق طبق.

 

 

 

و عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه في قوله تعالى: } وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَة{ُ (البقرة:24) قال: هي حجارة من كبريت خلقها الله يوم خلق السموات و الأرض في السماء الدنيا يعدها للكافرين, و في الصحيحين من غير وجه عن رسول الله r أنه قال: " لا تزال جهنم يلقى فيه و تقول هل من مزيد حتى يضع فيها رب العزة قدمه فيزوى بعضها إلى بعض فتقول قط قط وعزتك".[10]

 

 

 

و عن ابن مسعود رضى الله عنه في قوله: } إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْر{ِ (المرسلات:32) قال: أما إنى لست أقول كالشجرة و لكن كالحصون و المدائن.

 

 

 

و عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول اللهr: " ناركم هذه، التي يوقد ابن آدم، جزء من سبعين جزءا من حر جهنم. قالوا : والله! إن كانت لكافية، يا رسول الله! قال: فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا. كلها مثل حرها".[11]

 

 

 

طعام أهل النار:

 

 

 

قال الله تعالى: } لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ * لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوع{ٍ (الغاشية: 6-7)

 

الضريع نوع من الشوك لا تأكله الدواب لخباثته.

 

 

 

و قال تعالى: المزمل: } إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً وَجَحِيماً * وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيما{ً ( 12-13), عن ابن عباس رضى الله عنه قوله تعالى: } َطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ {قال: شوك يأخذ بالحلق لا يخل و لا يخرج.

 

 

 

و قال تعالى: } ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ * لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ * فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ * هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّين {ِ) الواقعة: 51-56)

 

 

 

و قد وصف الله عز و جل شجرة الزقوم فقال: } إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ* فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُون َ*  ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِّنْ حَمِيمٍ * ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيم{ِ ( الصافات: 64-68), و الشوب هو الخلط و المزج أى يخلط الزقوم المتناهى في القذارة و المرارة و الحميم المتناهى في اللهب و الحرارة.

 

 

 

و عن ابن عباس رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ هذه الآية: } اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون{َ (أل عمران: 102) فقال رسول اللهr: " لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن يكون طعامه".[12]

 

قال الله تعالى: } فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِين{ٍ (الحاقة: 35-36)

 

 

 

قال ابن عباس: الغسلين الدم و الماء و الصديد الذي يسيل من لحومهم.

 

 

 

و التوفيق بين ما ها هنا و بين قوله: } إِلَّا مِن ضَرِيع{ٍ و قوله: }مِّن زَقُّوم{ٍ و قوله: }مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ{ (البقرة:174) أنه يجوز أن يكون طعامهم جميع ذلك أو أن يكون العذاب أنواع و المعذبين طبقات فمنهم أكلة الضريع و منهم أكلة الزقوم و منهم أكلة النار لكل منهم جزء مقسوم.

 

 

 

 

 

شراب أهل النار:

 

 

 

قال الله تعالى: } وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ{ (إبراهيم: 16-17)

 

 

 

أى يستقى من ماء صديد شديد النتانة و الكثافة فيتكرهه و لا يكاد يبتلعه من شدة نتانته و كثافته.

 

 

 

قال تعالى: } وَسُقُوا مَاء حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ{ (محمد: 15)

 

 

 

و الحميم هو الماء الحار المغلي بنار جهنم يذاب بهذا الحميم ما في بطونهم و تسيل به أمعاؤهم و تتناثر جلودهم كما قال تعالى: } يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيق{ِ ( الحج:20-22)

 

 

 

و قال تعالى: } وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقا{ً (الكهف:29)

 

 

 

قال الله عز و جل: } وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّار{ُ (إبراهيم: 49-50 ). فقوله: } سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَان{ٍ أى قمصانهم من قطران تطلى به جلودهم حتى يعود ذلك الطلاء كالسرابيل, و خص القطران لسرعة اشتعال النار فيه مع نتن رائحته و وحشة لونه و القطران قيل فيه ما يطلى به الجمل الأجرب, و عن أبى مالك الأشعرى قال: قال رسول اللهr: " النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب".[13]

 

 

 

و قال الله تعالى: } فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيم{ُ (الحج:19)

 

 

 

فقوله: } قُطِّعَتْ{ أى قدرت لهم على قدر جثتهم لأن الثياب تقطع على مقدار بدن من يلبسها, و قيل إنها من نحاس قد أذيب فصار كالنار, و الحق إجراء النظم القرآني على ظاهره.

 

 

 

و عن سمرة بن جندب رضى الله عنه عن النبيr: " منهم من تأخذه النار إلى ركبتيه, و منهم من تأخذه النار إلى حجزته, و منهم من تأخذه النار إلى عنقه, و منهم من تأخذه النار إلى ترقوته".[14]

 

و عن ابن عباس رضى الله عنه أن رسول الله r قال: " أهون أهل النار عذابا أبو طالب, ينتعل بنعلين يغلي منهما دماغه".[15]

 

 

 

أسرة أهل النار:

 

 

 

قال تعالى: } لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاش{ٍ (الأعراف:41)

 

 

 

أى فرش من النار و يلتحفون بألحفة من النار عياذا بالله من حالهم.

 

 

 

و قال تعالى: } لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَل{ٌ (الزمر:16) أي أطباق و فراش و مهاد و سرادقات, و إطلاق الظلل عليها تهكما, و إلا فهي محرقة و الظلة تقى من النار كما قال تعالى: } انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ * لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَب{ِ (المرسلات:30-31)

 

 

 

عظم أهل النار و بشاعة منظرهم:

 

 

 

عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي r قال: " ما بين منكبي الكافر مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع".[16] و عنه رضى الله عنه قال: "ضرس الكافر- أى ناب الكافر- مثل أحد وغلظ جلده مسيره ثلاث".[17]

 

 

 

قال الحافظ المنذرى: و قد ورد أن من هذه الأمة من يعظم في النار كما يعظم فيها الكفار, فروى ابن ماجة و الحاكم و غيرهما من حديث عبد الله بن قيس قال: كنت عند أبى بريدة ذات ليلة فدخل علينا الحارث بن أقيش رضى الله عنه, فحدثنا الحارث ليلتئذ أن رسول الله r قال: " إن من أمتي من يدخل الجنة بشفاعته أكثر من مضر, وإن من أمتي من يعظم للنار حتى يكون أحد زواياها".[18]

 

 

 

فصل في ذكر بعض ألوان العذاب:

 

 

 

عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللهr: " يؤتى بأنعم الناس يوم القيامة من أهل النار فيصبغ في النار صبغة ثم يقال : يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول : لا والله يا رب, ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا، من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له : يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط".[19]

 

 

 

عن أبى هريرة رضى الله عنه عن رسول اللهr: " ما من صاحب كنز لا يؤدى زكاته إلا مثل له يوم القيامة شجاعا أقرعا له زبيبتان يأخذ بلهزمتيه فيقول: أنا مالك أنا كنزك" [20], و الهمزة عظم ناتئ في اللحى و في رواية: "يفر منه و يتبعه, و يتقى منه فيلقم يده ثم يطوقه", و قرأ هذه الآية: } وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَة{ِ ( أل عمران:180)

 

 

 

و عن النعمان بن بشير رضى الله عنه عن النبي r قال: " إن أهون أهل النار عذابا رجل في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل بالقمم".[21]

 

 

 

و عن الحسن البصري في قوله تعالى: } كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَاب{َ ( النساء:56)  تأكلهم النار كل يوم سبعين ألف مرة كلما أكلتهم قيل لهم: "عودوا" فيعودون كما كانوا.

 

 

 

 

 

عذاب أهل النار المعنوي:

 

 

 

من عذاب أهل النار المعنوى أن الملائكة تبكتهم قبل أن يدخلوا منازلهم في النار كما قال تعالى: } كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ {(الملك:8-9)

 

 

 

و من عذابهم المعنوى: أنهم يلعن بعضهم بعض و يسب بعضهم بعضا قال تعالى: } كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا الأعراف:38, و يتبرأ الكبراء من المستضعفين و يقول المستضعفون: لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّار{ِ (البقرة:167)

 

 

 

و من عذابهم المعنوى أنهم يرون الذين كانوا يسخرون منهم و يستهزؤون بهم  من أهل الإيمان قد فازوا بالرضى و الرضوان و نجوا من غضب الملك الديان كما قال تعالى: } وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ * أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَار{ُ (ص: 62-63)

 

 

 

و من عذابهم المعنوى كذلك أنهم يمنعون من الكلام, قال محمد بن كعب: لأهل النار خمس دعوات يجيبهم الله عز و جل في أربعة فإذا كانت الخامسة لم يتكلموا بعدها أبدا, يقولون: } قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيل{ٍ (غافر:11) فيقول الله تعالى مجيبا لهم: } ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِير{ِ (غافر:12) ثم يقولون: } رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً (السجدة:12) فيجيبهم الله تعالى: } أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَال{ٍ  إبراهيم:44  فيقولون: } رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَل{ُ (فاطر:37) ثم يقولون: } قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُون{َ (المؤمنون 106-107) فيجيبهم الله تعالى: } اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُون{ِ (المؤمنون:108) فلا يتكلموا بعدها أبدا و ذلك غاية شدة العذاب.

 

قال مالك بن أنس: قال زيد بن اسلم في قوله تعالى: } سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ (إبراهيم:21) قال: صبروا مائة سنة, ثم جزعوا مائة سنة, ثم صبروا مائة سنة, ثم قالوا: } سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيص{ٍ

 

 

 

و عن ابن عمر رضى الله عنه قال: قال رسول الله r: " يؤتى بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح, فيذبح بين الجنة و النار, و يقال يا أهل الجنة خلود بلا موت, و يا أهل النار خلود بلا موت".[22]

 

 

 

فهذه أصناف عذاب جهنم على الجملة, و تفصيل غمومها و أحزانها و محنها و حسرتها لا نهاية لها و أعظم الأمور عليهم مع ما يلاقونه من شدة العذاب حسرة فوت نعيم الجنة و فوت لقاء الله و فوت رضاه مع عملهم بأنهم باعوا كل ذلك بثمن بخس دراهم معدودة, إذ لم يبيعوا ذلك إلا بشهوات حقيرة في الدنيا أياما قصيرة و كانت غير صافية كانت مكدرة منغصة, فيقولون في أنفسهم: و حسرتاه كيف أهلكنا أنفسنا بعصيان ربنا, و كيف لم نكلف أنفسنا الصبر أياما قلائل, و لو صبرنا لكانت انقطعت عنا أيامه و بقينا الآن في جوار رب العالمين متنعمين بالرضا و الرضوان, فيالحسرة هؤلاء و قد فاتهم ما فاتهم و بلوا بما بلوا به و لم يبق معهم شئ من نعيم الدنيا و لذاتها, و اعلم أن الله تعالى خلق النار بأهوالها و خلق لها أهلا لا يزيدون و لا ينقصون, و أن هذا أمر قد قضى و فرغ منه, قال الله تعالى: } وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُون{َ (مريم:39)

 

 

 

و لعمري الإشارة به إلى يوم القيامة بل في أول الأزل و لكن أظهر يوم القيامة ما سبق به القضاء, فالعجب منك حيث تضحك و تلهو و تنشغل بمحقرات الدنيا و لست تدرى أن القضاء بماذا سبق في حقك, فإن قلت فليت شعري ماذا موردي؟ و إلى ماذا مآلي و مرجعي؟ و ما الذي سبق به القضاء في حقي؟ فلك علامة تستأنس بها و تصدق رجاءك بسببها, و هي أن تنظر إلى أحوالك و أعمالك فإن كلا ميسر لما خلق له, فإن كان قد يسر لك سبيل الخير فأبشر فإنك مبعد عن النار, و إن كنت لا تقصد خيرا إلا و تحيط بك العوائق فتدفعك, و لا تقصد شرا إلا و يتيسر لك أسبابه فاعلم أنك مقضي عليك, فإن دلالة هذا على العاقبة كدلالة الدخان على النار, قال الله تعالى: } إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيم{ٍ (الإنفطار:13-14). فاعرض نفسك على الآيتين و قد عرفت مستقرك من الدارين و الله أعلم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الجنة

 

صفة الجنة و أصناف نعيمها:

 

 

 

قال الغزالى رحمه الله ما يلخصه:

 

 

 

اعلم أن تلك الدار التي عرفت همومها و غمومها تقابلها دار أخرى فتأمل نعيمها و سرورها, فإن من بعد من أحدهما استقر لا محالة في الأخرى, فاستثر الخوف من قلبك بطول الفكر في أهوال الجحيم, و استثر الرجاء بطول الفكر في أهوال الجحيم, و استثر الرجاء بطول الفكر في النعيم المقيم لأهل الجنان, و سق نفسك بسوط الخوف و قدها بزمام الرجاء إلى الصراط المستقيم و فبذلك تنال الملك العظيم و تسلم من العذاب الأليم, فتفكر في أهل الجنة و في وجوههم نضرة النعيم, يسقون من رحيق مختوم متكئين على أرائك منصوبة على أطراف أنهار مطردة بالخمر و العسل, و محفوفة بالغلمان و الولدان مزينة بالحور العين من الخيرات الحسان كأنهن الياقوت و المرجان لم يطمثهن إنس و لا جان, آمنات من الهرم مقصورات في الخيام, ثم يطاف عليهم و عليهن بأكواب و أباريق و كاس من معين بيضاء لذة للشاربين, و يطوف عليهم خدام وولدان كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاء بما كانوا يعملون, في مقام أمين في جنان و عيون في جنات و نهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر و ينظرون فيها إلى وجه الملك الكريم و قد أشرقت في وجوههم نضرة النعيم, لا يرهقهم قتر و لا ذلة بل عباد مكرمون و بأنواع التحف من ربهم يتعاهدون, فهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون, لا يخافون فيها و لا يحزنون و هم من ريب المنون آمنون, فهم يتنعمون و يأكلون من أطعمتها و يشربون من أنهارها لبنا و خمرا و عسلا, فيا عجبا ممن يؤمن بدار هذه صفتها, و يوقن أنه لا يموت أهلها و لا تحل الفجائع بمن نزل بفنائها و لا تنظر الأحداث بعين التغيير إلى أهلها كيف يأنس بدار قد أذن الله في خرابها و يهنأ بعيش دونها, و الله لو لم يكن فيها إلا سلامة الأبدان مع الأمن من الموت و الجوع و العطش و سائر أصناف الحدثان لكان جديرا بأن يهجر الدنيا بسببها و أن لا يؤثر عليها ما التصرم و التنغص من ضرورته – كيف و أهلها ملوك آمنون و في أنواع السرور متمتعون, لهم فيها ما يشتهون و هم بفناء العرش يحضرون, و إلى وجه الله الكريم ينظرون, و ينالون بالنظر إلى وجه الله ما لا ينظرون معه على سائر نعيم الجنان و لا يلتفتون, و هم على الدوام بين أصناف هذه النعم يترددون, و هم من زوالها آمنون. عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله r: " ينادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا, و عن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا, و أن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا, و إن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا "[23], فذلك قول الله عز و جل : } وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون{َ (الأعراف:43 ).

 

 

 

 

 

فصل: في أن الجنة فوق ما يخطر بالبال أو يدور في الخيال و أن موضع سوط منها خير من الدنيا و ما فيها:

 

 

 

عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله r قال الله عز و جل: " أعددت لعبادى الصالحين ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر",[24] مصداق ذلك في كتاب الله } فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون{َ (السجدة:17 )

 

 

 

و ثبت عن ابن عباس رضى الله عنه أنه قال: ليس في الدنيا شىء مما في الجنة إلا الأسماء, فليس العسل كالعسل, و ليس الخمر كالخمر, و ليس العنب كالعنب.

 

 

 

و مهما قرأت في وصف نعيمها ببالك من متاعها و عجائبها فهي أعجب مما قرأت و أطيب مما خطر على قلبك, و عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله r : " لقاب قوس أحدكم في الجنة خير مما طلعت عليه الشمس أو تغرب".[25]

 

 

 

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: و كيف يقدر قدر دار خلقها الله بيده و جعلها مقرا لأحبابه و ملأها من رحمته و كرامته و رضوانه, ووصف نعيمها بالفوز العظيم, و ملكها بالملك الكبير, و أودعها الخير بحذافيره, و طهرها من كل عيب و آفة و نقص, فإن سألت عن أرضها و تربتها فهي المسك و الزعفران, و إن سألت عن سقفها هو عرش الرحمن, و إن سألت عن ملاطها فهو المسك و الأذفر, و إن سألت عن حصبائها فهو اللؤلؤ و الجوهر, و إن سألت عن بنائها فلبنة من فضة و لبنة من ذهب, و إن سالت عن بنائها فما فيها شجرة إلا و ساقها من ذهب أو فضة لا من الحطب و الخشب, وإن سألت عن ثمارها فأمثال القلال ألين من الزبد و أحلى من العسل, و إن سألت عن ورقها فأحسن ما يكون من رقائق الحلل, و إن سألت عن أنهارها فأنهار من لبن لم يتغير طعمه و أنهار من خمر لذة للشاربين و أنهار من عسل مصفى.

 

 

 

 

 

فصل في بيان صفة أبواب الجنة و درجاتها و أبنيتها:

 

 

 

أبواب الجنة:

 

 

 

عن سهل بن سعد أن رسول الله r قال: " في الجنة ثمانية أبواب باب منها يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون".[26]

 

 

 

و عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله r: " من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله دعي من أبواب الجنة كلها, و للجنة ثمانية أبواب, فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة،  ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد. فقال أبو بكر رضى الله عنه: والله ما على أحد من ضرورة من أيها دعى فهل يدعى أحد منها كلها ؟ قال r : نعم وأرجو أن تكون منهم".[27]

 

 

 

درجات الجنة:

 

 

 

و في الصحيحين عنه r أنه قال: "الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض".

 

و هذا يدل على غاية العلو و الارتفاع و الله أعلم, و الحديث له لفظان هذا أحدهما و الثانى: "وإن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض أعدها الله للمجاهدين في سبيله".[28]

 

 

 

و كان شيخ الإسلام ابن تيمية يرجح هذا اللفظ و هو لا ينفى أن يكون درج الجنة أكثر من ذلك و نظير هذا قوله في الحديث الصحيح: "إن لله تسعة و تسعين اسما من أحصاها دخل الجنة".[29]

 

 

 

أي من جملة أسمائه هذا القدر فيكون الكلام جملة واحدة في الموضعين و يدل على صحة هذا أن منزلة نبينا صلى الله عليه و سلم فوق هذا كله في درجة في الجنة ليس فوقها درجة, و تلك الدرجة ينالها آحاد أمته بالجهاد, و الجنة مقببة أعلاها و أوسطها الفردوس و سقفه العرش كما قال r في الحديث الصحيح: "إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة و أعلى الجنة و فوقه عرش الرحمن و منه تفجر أنهار الجنة".[30]

 

 

 

و عن سعيد الخدرى أن رسول r قال: " إن أهل الجنة ليتراؤن الغرف كما يتراؤن الكوكب الدرى الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم".[31]

 

 

 

أبنية الجنة:

 

 

 

قال الله تعالى: } لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّة{ٌ (الزمر:20) . فأخبر أنها غرف فوق غرف و أنها مبنية بناء حقيقة, لئلا تتوهم النفوس أن ذلك تمثيل و أنه ليس هناك بناء.

 

 

 

و عن أبى موسى الأشعرى عن النبي r قال: "إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلا فيها أهلون و يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا".[32]

 

 

 

و عن أبى هريرة و عائشة أن جبريل قال للنبي r : "هذه خديجة أقرئها السلام من ربها, و أمره أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه و لا نصب".[33] و القصب ها هنا قصب اللؤلؤ المجوف, قيل لأنها حازت قصب السبق في التصديق برسول الله صلى الله عليه و سلم فكان جزاؤها قصرا من قصب, و عن أنس أن النبي r قال: "أدخلت الجنة فإذا أنا بقصر من ذهب فقلت لمن هذا القصر؟ قالوا لشاب من قريش فظننت أنى أنا هو, فقلت: و من هو؟ قالوا لعمر بن الخطاب".[34]

 

 

 

طعام أهل الجنة:

 

 

 

قال تعالى: } وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُون{َ (الواقعة: 20-21 )

 

 

 

أما فاكهة الجنة فقد قال تعالى في وصفها:

 

} كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً{  (البقرة:25)

 

قال ابن جرير رحمه الله: } كُلَّمَا رُزِقُوا{ْ من ثمرة من ثمار الجنة في الجنة قالوا: هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا, و قيل كذلك } الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْل{ُ  أي في الجنة لتعدد الأصناف و تشابهها في الظاهر, قوله: } وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِها{ً  قال الحسن: خيار كله لا رذل ألم تروا إلى ثمر الدنيا كيف تسترذلون بعضه و قال تعالى: } وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَة{ٍ (الواقعة: 32- 33), أي لا تكون في وقت دون وقت و لا تمنع ممن أرادها, و قال تعالى: } وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً{ (الإنسان: 14) قال ابن عباس: إذا هم أن يتناول من ثمرها تدلت له حتى يتناول ما يريد.

 

 

 

عن أنس بن مالك قال: سئل رسول اللهr: " ما الكوثر قال: ذاك نهر أعطانيه الله (يعنى في الجنة) أشد بياضا من اللبن و أحلى من العسل فيها طير أعناقيها كأعناق الجزر. قال عمر: إن هذه لناعمة, قال رسول الله r: أكلتها أحسن منها".[35]

 

 

 

عن جابر رضى الله عنه قال: قال رسول اللهr: " يأكل أهل الجنة و يشربون و لا يتمخطون و لا يتغوطون طعامهم ذلك جشاء كريح المسك يلهمون التسبيح و التكبير كما تلهمون النفس".[36]

 

 

 

و عن ثوبان مولى رسول الله r قال: " كنت قائما عند رسول r فجاءه حبر من أحبار اليهود فذكر أسئلة إلى أن قال: فمن أول إجازة؟ يعنى على الصراط فقالr: فقراء المهاجرين. قال اليهودى: فما تحفتهم حين يدخلون الجنة؟ قال r: زيادة كبد الحوت. قال فما غذاؤهم على أثرها, قالr: ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها. قال: فما شرابهم عليه؟ قال r: من عين فيها تسمى سلسبيلا. فقال صدقت".[37]

 

 

 

شراب أهل الجنة:

 

 

 

قال الله عز و جل: } إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً  * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً{ (الإنسان:5-6)

 

و الكأس هو الإناء الذي فيه الشراب, و يطلق كذلك على نفس الخمر كما قال بعضهم:

 

 

 

و كأس شربت على لذة

 

و أخرى تداويت منها بها

 

 

 

قوله: } كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً{ أي يخالطها و تمزج به, قال مقاتل: ليس هو كافور الدنيا و إنما سمى ما عنده بما عندكم حتى تهتدي  له القلوب, قوله: } يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً{ أي يجرونها إلى حيث يريدون و ينتفعون بها كما يشاؤون.

 

 

 

قال تعالى: } وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً{ (الإنسان:17) أي كأس من خمر ممزوجة بالزنجبيل, و قد كانت العرب تستلذ مزج الشراب بالزنجبيل لطيب رائحته.

 

 

 

وقال تعالى: } وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً{ (الإنسان:21 ) و المعنى أنذلك الشراب طاهر ليس كخمر الدنيا قال أبو قلابة و إبراهيم النخعى, يؤتون بالطعام فإذا كان اخره أتوا بالشراب الطهور فتضمر بطونهم من ذلك و يفيض عرق أبدانهم مثل ريح المسك,  و عن زيد بن أرقم رضى الله عنه: " جاء رجل من أهل الكتاب إلى النبي r فقال: يا أبا القاسم تزعم أن أهل الجنة يأكلون و يشربون؟ قا لr: نعم و الذي نفس محمد بيده إن أحدكم ليعطى قوة مائة رجل في الأكل و الشرب و الجماع. قال: فإن الذي يأكل و يشر تكون له الحاجة و ليس في الجنة أذى. قال r: تكون حاجة أحدهم رشحا يفيض من جلودهم كرشح المسك فيضمر بطنه ".[38]

 

و قال أبو الدرداء رضى الله عنه في قوله تعالى: } خِتَامُهُ مِسْكٌ{ (المطففين:26 ) قال: هو شراب أبيض مثل الفضة يختمون به أخر شرابهم, لو أن رجلا من أهل الدنيا أدخل يده فيه ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد ريح طيبها.

 

 

 

و قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه: } وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ{ (المطففين: 27-28)

 

 

 

قال: يمزج لأصحاب اليمين و يشربه المقربون صرفا.

 

 

 

 

 

ثياب أهل الجنة:

 

 

 

قال تعالى: } يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِير{ٌ (فاطر:33)

 

 

 

و قال تعالى: } يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ{  (الكهف:31)

 

 

 

قال جماعة من المفسرين: السندس: ما ورق من الحرير, و الإستبرق: ما غلظ منه. و قالت طائفة: ليس المراد به الغليظ و لكن المراد به الصفيق, و قال الزجاج: هما نوعان من الحرير, و أحسن الألوان: الأخضر و أين اللباس الحرير فجمع بين حسن منظر اللباس و التذاذ العين به و بنعومته و التذاذ الجسم به, و في حديث البراء بن عازب قال: " أهدى لرسول الله r ثوب حرير فجعلوا يعجبون من لينه فقال رسول الله r: تعجبون من هذا؟ لمناديل سعد بن معاذ في الجنة احسن من هذا".[39] أي أن المنديل الذي يمسح به يديه في الجنة أحسن من حلل الملوك.

 

 

 

و قال r: " تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء".[40]

 

 

 

و عن زهير بن حرب عن رسول الله r قال: " من يدخل الجنة ينعم و لا ييأس و لا تبلى ثيابه و لا يفنى شبابه".[41]

 

 

 

صفة أهل الجنة:

 

 

 

عن معاذ بن جبل رضى الله عنه أن النبي r قال: " يدخل أهل الجنة جردا مردا كأنهم مكحلون أبناء ثلاث و ثلاثين".[42] قوله: جردا, أي دون شعر على أجسامهم, و قوله: مردا, بدون لحية.

 

 

 

و في حديث أبى هريرة: "على صورة أبيهم آدم ستون ذراعا".[43]

 

 

 

و عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله r: "إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر و الذين يلونهم على صورة أشد كوكب درى في السماء إضاءة لا يبولون و لا يتغوطون و لا يتمخطون و لا يتفلون, أمشاطهم الذهب و رشحهم المسك و مجامرهم الألوة أزواجهم الحور العين أخلاقهم على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم ستون ذراعا في السماء".[44]

 

 

 

و أما الأخلاق فقد قال الله تعالى: } وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ{ (الحجر:47)

 

 

 

فأخبر عن تلاقى قلوبهم و تلاقى وجوههم و في حديث الصحيحين: "لا اختلاف بينهم و لا تباغض قلوبهم على قلب رجل واحد يسبحون الله بكرة و عشية".[45]

 

 

 

أدنى أهل الجنة منزلة:

 

 

 

عن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه عن النبي r: " إن موسى عليه السلام سأل ربه: ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ فقال: رجل قد يجىء بعد ما دخل أهل الجنة الجنة فيقال له: أدخل الجنةو فيقول: رب كيف و قد نزلت الناس منازلهم و أخذوا أخذاتهم؟ فقال له: أترضى ان يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول رضيت رب, فيقول له لك ذلك و مثله و مثله و مثله فقال في الخامسة: رضيت رب, فيقول هذا لك و عشرة أمثاله و لك ما اشتهت نفسك و لذت عينك فيقول: رضيت رب, قال: رب فأعلاهم منزلة و قال: أولئك الذين أردت, غرس كرامتهم بيدى و ختمت عليها فلم تر عين و لم تسمع أذن و لم يخطر على قلب بشر".[46]

 

 

 

نساء الجنة:

 

 

 

قال تعالى: } وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{  (البقرة:25)

 

 

 

جمع الله سبحانه و تعالى في هذه الآية بين نعيم البدن بالجنات و ما فيها من الأنهار و الثمار و نعيم النفس بالأزواج المطهرة و نعيم القلب و قرة العين بمعرفة دوام هذا العيش أبد الآباد و عدم انقطاعه.

 

و الأزواج المطهرة هي التي طهرت من المحيض و البول و النفاس و الغائط و المخاط و البصاق و كل قذر و كل أذى يكون من نساء الدنيا و طهر مع ذلك باطنها من الأخلاق السيئة و الصفات المذمومة و طهر لسانها من الفحش و البذاء و طهر طرفها من أن تطمع به إلى غير زوجها.

 

 

 

و قال تعالى: } وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِين{ٍ (الدخان:54) و الحور جمع حوراء و هي المرأة الشابة الحسناء الجميلة البيضاء شديدة سواد العين و قال مجاهد: الحوراء التي يحار فيها الطرف من رقة الجلد و صفاء اللون. و الصحيح أن الحور مأخوذ من الحور في العين و هو شدة بياضها مع قوة سوادها فهو يتضمن الأمرين.

 

 

 

و قال تعالى: } وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ{ (ص:52 ) أي قصرن طرفهن على أزواجهن فلا يطمحن إلى غيرهم. و قوله: } أَتْرَاب{ ٌ قال ابن عباس و سائر المفسرين: مستويات على سن واحد و ميلاد واحد بنات ثلاث و ثلاثين.

 

 

 

و عن أنس بن مالك أن رسول r قال: " لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا و ما فيها, و لقاب قوس أحدكم أو موضع قيده يعنى سوطه من الجنة خير من الدنيا و ما فيها, و لو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحا, و لنصيفها على رأسها خير من الدنيا و ما فيها",[47] و النصيف هو الخمار أي غطاء الرأس.

 

 

 

و عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي r: " إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر و التي يليها على أضواء كوكب درى في السماء و لكل امرىء منهم زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم و ما في الجنة أعزب".[48]

 

 

 

 

 

النظر إلى وجه الله عز و جل:

 

 

 

قال الله تعالى: } يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ{  (القيامة: 22-23 )

 

 

 

و قال تعالى: } لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ{  (يونس:26 )

 

 

 

و هذه الزيادة هي النظر إلى وجه الله عز و جل, و الحسنى هي الجنة, عن صهيب قال: " قرأ رسول الله r قوله تعالى: } لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ{  قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة و أهل النار النار نادى مناد يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه, قالوا: ما هذا الموعد؟ ألم يثقل موازيننا؟ و يبيض وجوهنا؟ و يدخلنا الجنة و يجرنا من النار؟ قال: فيرفع الحجاب و ينظرون إلى وجه الله عز و جل فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إليه".[49] و هذه هي غاية الحسنى و نهاية النعمة و كل ما فصلناه من النعيم عند هذه النعمة ينسى و ليس لسرور أهل الجنة عند سعادة اللقاء منتهى بل لا نسبة لشىء من لذات الجنة إلى لذة اللقاء.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شعر

 

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في وصف الجنة:

 

 

 

 

 

 

 

وما ذاك إلا غيره أن ينالها

 

سوى كفئها والرب بالخلق أعلم

وإن حجبت عنا بكل كريهة

 

وحفت بما يؤذي النفوس ويؤلم

فلله ما في حشوها من مسرة

 

وأصناف لذات بها يتنعم

ولله برد العيش بين خيامها

 

وروضاتها والثغر في الروض يبسم

ولله واديها الذي هو موعد المز

 

يد لوفد الحب لو كنت منهم

بذيالك الوادي يهيم صبابة

 

محب يرى أن الصبابة مغنم

ولله أفراح المحبين عندما

 

يخاطبهم من فوقهم ويسلم

ولله أبصار تري الله جهره

 

فلا الضيم يغشاها ولا هي تسأم

فيا نظرة اهدت الي الوجه نضرة

 

أمن بعدها يسلو المحب المتيم

ولله كم من خيرة إن تبسمت

 

أضاء لها نور من الفجر أعظم

فيا لذة الأبصار ان هي اقبلت

 

ويالذة الأسماع حين تكلم

ويا خجلة الغصن الرطيب اذا انثنت

 

ويا خجلة الفجرين حين تبسم

فان كنت ذا قلب عليل بحبها

 

فلم يبق الا وصلها لك مرهم

ولا سيما في لثمها عند ضمها

 

وقد صارمنها تحت جيدك معصم

تراه إذا أبدت له حسن وجهها

 

يلذ به قبل الوصال وينعم

تفكه منها العين عند اجتلائها

 

فواكه شتى طلعها ليس يعدم

عناقيد من كرم وتفاح جنة

 

ورمان اغصان به القلب مغرم

وللورد ما قد البسته خدودها

 

وللخمر ما قد ضمه الريق والفم

تقسم منها الحسن في جمع واحد

 

فيا عجبا من واحد يتقسم

لها فرق شتى من الحسن أجمعت

 

بجملتها إن السلو محرم

تذكر بالرحمن من هو ناظر

 

فينطق بالتسبيح لا يتلعثم

إذا قابلت جيش الهموم بوجهها

 

تولى على أعقابه الجيش يهزم

فيا خاطب الحسناء إن كنت راغبا

 

فهذا زمان المهر فهو المقدم

ولما جرى ماء الشباب بغصنها

 

تيقن حقا أنه ليس يهرم

وكن مبغضا للخائنات لحبها

 

فتحظى بها من دونهن وتنعم

وكن أيما ممن سواها فإنها

 

لمثلك في جنات عدن تايم

وصم يومك الأدنى لعلك في غد

 

تفوز بعيد الفطر والناس صوم

وأقدم ولا تقنع بعيش منغص

 

فما فاز باللذات من ليس يقدم

وإن ضاقت الدنيا عليك بأسرها

 

ولم يك فيها منزل لك يعلم

فحى على جنات عدن فإنها

 

منازلنا الأولى وفيها المخيم

ولكننا سبى العدو فهل ترى

 

نعود إلى أوطاننا ونسلم

وقد زعموا أن العدو إذا نأى

 

وشطت به أوطانه فهو مغرم

وأى اغتراب فوق غربتنا التى

 

لها أضحت الأعداء فينا تحكم

وحى على السوق الذي فيه يلتقى

 

المحبون ذاك السوق للقوم يعلم

فما شئت خذ منه بلا ثمن له

 

فقد أسلف التجار فيه وأسلموا

وحى على يوم المزيد الذي به

 

زيارة رب العرش فاليوم موسم

وحى على واد هنالك أفيح

 

وتربته من إذفر المسك أعظم

منابر من نور هناك وفضة

 

ومن خالص القيان لا تتقصم

وكثبان مسك قد جعلن مقاعدا

 

لمن دون أصحاب المنابر يعلم

فبينا همو في عيشهم وسرورهم

 

وأرزاقهم تجرى عليهم وتقسم

إذا هم بنور ساطع أشرقت له

 

بأقطارها الجنات لا يتوهم

تجلى لهم رب السماوات جهرة

 

فيضحك فوق العرش ثم يكلم

سلام عليكم يسمعون جميعهم

 

بآذانهم تسليمه إذ يسلم

يقول سلونى ما اشتهيتم فكل ما

 

تريدون عندى أننى أنا أرحم

فقالوا جميعا نحن نسألك الرضا

 

فأنت الذي تولى الجميل وترحم

فيعطيهمو هذا ويشهد جمعهم

 

عليه تعالى الله فالله أكرم

فيا بائعا هذا ببخس معجل

 

كأنك لا تدرى ؛ بلى سوف تعلم

فإن كنت لا تدرى فتلك مصيبة

 

وإن كنت تدرى فالمصيبة أعظم

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[1]  رواه البخاري (11/321) الرقاق, عن عبد الله بن مسعود و رواه أحمد (1/387/413/442).

 

[2]  رواه الترمذى بإسناد حسن لغيره, و انظر السلسلة الصحيحة للألباني (رقم 953).

 

[3]  رواه البخاري (10/30) الأشربة, و مسلم (2/41) الإيمان.

 

[4]  رواه البخاري (14/75) الحدود.

 

[5] رواه مسلم (4/150), 151) الصلاة, و أحمد (3/170).

 

 

 

[6]  رواه البخاري (1/400) الرقاق.

 

[7]  إحياء علوم الدين (2986-2988)

 

[8]  رواه أحمد (4/174), و الترمذى (10/45/46) صفة جهنم, و صححه الألباني.

 

[9]  رواه مسلم (17/179) كتاب الجنة, باب جهنم. و الوجبة هي السقطة.

 

[10]  رواه البخارى (8/594) التفسير, و مسلم (17/184) كتاب الجنة.

 

[11]  رواه البخارى (6/330) بدء الخلق, و مسلم (17/179) كتاب الجنة, و مالك في الموطأ (2/994) جهنم, و الترمذى (10/58) صفة جهنم.

 

[12]  رواه الترمذى (10/54) صفة جهنم, و قال: هذا حديث حسن صحيح, و أحمد (1/301/338), و ابن ماجة (4325) الزهد, و صححه الألباني في صحيح الجامع رقم (5126), و صححه عبد القادر الأرناؤوط في تحقيق جامع الأصول.

 

[13]  رواه مسلم (6/235,236) الجنائز, و قال النووى: فيه دليل على تحريم النياحة و هو مجمع عليه و فيه صحة التوبة ما لم يمت المكلف و لم يصل إلى الغرغرة.

 

[14]  رواه مسلم: (17/180) الجنة.

 

[15]  رواه مسلم (3/85) الإيمان.

 

[16]  رواه البخارى (11/415) الرقاق, و مسلم (17/186) صفة الجنة.

 

[17] رواه مسلم (17/186) صفة الجنة, و الترمذى (10/47, 48) صفة جهنم. قال النووي: هذا كله لكونه أبلغ في إيلامه و كل هذا مقدور لله تعالى يجب الإيمان به لإخبار الصادق به صلى الله عليه و سلم.

 

[18]  رواه ابن ماجة (4323) صفة النار, و الحاكم (1/7) و قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبى, و قال المنذرى: و إسناده جيد و صححه الألباني.

 

[19]   رواه مسلم  (17/149) صفة القيامة, و ابن ماجة (4321) صفة النار. قال ابن الأثير: فيصبغ: أي يغمس في النار أو الجنة غمسة كأنه يدخل إليها إدخالة واحدة.

 

[20]  رواه البخاري (3/268) الزكاة.

 

[21]  رواه البخاري (11/417) الرقاق, و مسلم (3/85,86) الإيمان, و الترمذى (2744) صفة جهنم. 

[22]  رواه البخاري (11/415) الرقاق: صفة الجنة و النار, و مسلم (17/186) صفة الجنة. قال ابن الأثير: الأملح: المختلط البياض و السواد, و قوله "فيذبح" شبه اليأس من مفارقة الحالتين في الجنة و النار و الخلود فيها بحيوان يذبح فيموت, فلا يبقى يرجى له حياة و لا وجود, و كذلك حال أهل الجنة و النار بعد الاستقرار فيهما و إخراج من يخرجه الله من النار في اليأس من مفارقة حالتيهما و انقطاع الرجاء من زوالها. 

[23]  إحياء علوم الدين (2997- 2999) باختصار و تصرف وتصرف و الحديث رواه مسلم (17/175) الجنة و صفة نعيمها, و الترمذى (12/124, 125) التفسير.

 

[24]  رواه البخاري (6/318) بدء الخلق, ومسلم (17/166) الجنة و صفة نعيمها, و ابن ماجة (4328) الزهد. 

[25]  رواه البخاري (6/320) بدء الخلق, و رواه مسلم بلفظ "لغدوة فهي سبيل الله أو روحة" (13/26) الإمارة, و الترمذى (7/155) الجهاد.

 

[26]  رواه البخاري (6/328) بدء الخلق, و مسلم (8/32) الصيام, بلفظ " فهي الجنة باب يقال له الريان".

 

[27]  رواه البخاري (7/19) فضائل الصحابة, و مسلم (7/11, 116) الزكاة, و مالك (2/469) الجهاد, و النسائي (6/22,23) الجهاد.

 

[28]  رواه البخاري (6/11), و مسلم (13/28) الإمارة, و الترمذى (10/8) صفة الجنة, و ابن ماجة (4331) الزهد.

 

[29]   رواه البخاري (11/214) الدعوات بمعناه, و مسلم (17/5,6) الذكر و الدعاء, ورواه الترمذى و فيه زيادة ذكر الأسماء.

 

[30]  جزء من الحديث قبل السابق. كما أفاده ابن كثير رحمه الله.

 

[31] رواه البخاري (11/416) الرقاق, و (6/320) بدء الخلق, و مسلم (17/169) الجنة و صفة نعيمها, و الترمذى (10/21) صفة الجنة.

 

[32] رواه البخاري (6/318) بدء الخلق, و مسلم (17/175) الجنة و صفة نعيمها, و الترمذى (10/6) صفة الجنة.

 

[33] رواه البخاري (7/133) مناقب الأنصار, و مسلم (15/199) الفضائل و المراد هنا القصر, و الصخب: الصوت المختلط المرتفع, و النصب: المشقة و التعب.

 

[34] رواه البخاري (6/318) بدء الخلق, و مسلم بمعناه (15/163) الفضائل بمعناه عن جابر رضى الله عنه.

 

[35] رواه الترمذى (10/12) صفة الجنة, و قال: هذا حديث حسن غريب, و قال الألباني: حسن صحيح.

 

[36]رواه مسلم (17/174) الجنة و صفة نعيمها.

 

[37] رواه مسلم (3/226, 227) الحيض بزيادة فهي أوله و أخره, و البغوى فهي شرح السنة (15/224, 25) الفتن. قوله "زيادة كبد الحوت" الزيادة موردي طرف الكبد و أطيبها.

 

[38] رواه أحمد (4/367) و النسائي فهي الكبرى: التفسير (رقم 498) تحفة الإشراف (3/191) و قال المنذرى: رواته محتج بهم فهي الصحيح – الترغيب و الترهيب (6/296, 297) و قال الهيثمى: رواه البزار و رجال أحمد و البزار رجال الصحيح غير ثمامة بن عقبة و هو ثقة- مجمع الزوائد (10/416).

 

 

 

[39]  رواه البخاري (6/319) بدء الخلق.

 

[40]  رواه مسلم (3/140) الطهارة, و النسائي (1/93) الطهارة.

 

[41]  رواه مسلم (17/174) الجنة و صفة نعيمها.

 

[42] رواه الترمذى (10/14) صفة الجنة, و قال: حسن غريب, و حسنه الألباني.

 

[43]  رواه مسلم (17/172) الجنة و صفة نعيمها.

 

[44] رواه البخاري (6/319) بدء الخلق, و مسلم (17/172, 173) الجنة و صفة نعيمها, و الألوة: العود الهندى.

 

[45] رواه البخاري (6/138) بدء الخلق, مسلم (17/173) الجنة و صفة نعيمها و هو رواية للحديث السابق.

 

[46] رواه البخاري بمعناه مختصرا (11/419) الرقاق, و مسلم (2/45, 46) الإيمان.

 

[47]  رواه البخاري (6/15) الجهاد, و الترمذى ( 8/155) الجهاد. 

[48]  تقدم تخريجه 

[49]  رواه مسلم (3/179 الإيمان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قائمة الكتب وورد

    ·          كتب علوم الحديث العلل الصغير للترمذي الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث ألفية العراقي في علوم الحديث الإلماع إل...